(ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون) سبب النزول وتفسير الاية

(ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون) سبب النزول وتفسير الاية

سبب نزول الآية وتفسيرها

(ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون) سبب النزول وتفسير الاية

سبب نزول الآية

نزلت هذه الآية الكريمة في حق الكافرين الذين كانوا يظلمون المسلمين ويستضعفونهم، وكانوا يعتقدون أن الله غافل عن أعمالهم وأنه لن يحاسبهم عليها. فأنزل الله هذه الآية لترد عليهم وتبين لهم أن الله تعالى بصير بأعمالهم وأنه سيحاسبهم عليها يوم القيامة.

معنى الآية وتفسيرها

قوله تعالى: ﴿وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ﴾، أي لا تظنن أن الله تعالى غافل عن أعمال الظالمين، بل هو مطلع عليها وعالم بها، قال تعالى: ﴿وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾ [التغابن: 11].

(ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون) سبب النزول وتفسير الاية
وقال تعالى: ﴿وَإِن تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ﴾ [البقرة: 284].

فالله تعالى يعلم السر وأخفى، ويعلم ما تنطوي عليه القلوب، ويعلم ما تخفي الصدور، ولا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء، قال تعالى: ﴿هُوَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ﴾ [الحشر: 22].

عاقبة الظالمين

وبين الله تعالى في هذه الآية الكريم عاقبة الظالمين فقال: ﴿إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ﴾، أي أن الله تعالى يؤخر عقاب الظالمين في الدنيا لليوم الآخر، اليوم الذي تقوم فيه الأبصار من هول الموقف، وتشخص الأبصار من الفزع، كما قال تعالى: ﴿وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [الجاثية: 28].

قال ابن عباس رضي الله عنهما: “يوم القيامة”.
(ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون) سبب النزول وتفسير الاية

وقال مجاهد: “يوم بدر”.

وقال قتادة: “يوم بدر ويوم القيامة”.

وهذا القول أجمع الأقوال وأصحها، لأن الله تعالى ذكر في هذه الآية الكريم عاقبة الظالمين في الدنيا والآخرة.

حكمة تأخير عقاب الظالمين

وحكمة تأخير عقاب الظالمين في الدنيا لليوم الآخر، هو أن الله تعالى يريد أن يمهلهم ويملي لهم لعلّهم يتوبون وأن يرجعون إلى الحق، قال تعالى: ﴿وَمَا نُؤَخِّرُهُمْ إِلَّا لِيَزْدَادُوا إِثْمًا﴾ [فاطر: 34].

وقال تعالى: ﴿وَلَوْ عَاجَلَهُمُ اللَّهُ بِالْعُقُوبَةِ لَقَضَى عَلَيْهِمْ وَلَكِنْ أَنْظَرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ﴾ [الأعراف: 34].

ويبين الله تعالى في هذه الآية الكريمة أن الظالمين إذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون، أي لا يتأخر عقابهم لحظة واحدة، ولا يتقدم لحظة واحدة، قال تعالى: ﴿فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ﴾ [إبراهيم: 47].

أمثلة على الظلم

والظلم أنواع كثيرة، منها ظلم النفس وظلم الغير، وظلم النفس يكون بارتكاب المعاصي والآثام، وظلم الغير يكون بأخذ أموالهم أو الاعتداء على حرياتهم أو إيذائهم بأي شكل من الأشكال.

ومن أمثلة الظلم:

– قتل النفس بغير حق.
(ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون) سبب النزول وتفسير الاية

– الزنا والسرقة والربا.
(ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون) سبب النزول وتفسير الاية

– شهادة الزور والنميمة والغيبة.
(ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون) سبب النزول وتفسير الاية

– الظلم في القضاء.

– ظلم الضعفاء والأيتام والمساكين.

والظلم من كبائر الذنوب، وهو من الصفات التي يبغضها الله تعالى، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ [النساء: 40].

موقف الإسلام من الظلم

دين الإسلام دين الحق والعدل، وهو يحرم الظلم ويجعله من كبائر الذنوب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة”، وقال صلى الله عليه وسلم: “إياكم والظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة”.

وإسلام يوجب على المسلمين أن يكونوا عادلين في أقوالهم وأفعالهم، وأن ينصفوا المظلوم من الظالم، قال تعالى: ﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ﴾ [النحل: 126].

أثر الظلم على المجتمع

(ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون) سبب النزول وتفسير الاية

الظلم له آثار وخيمة على المجتمع، فهو يؤدي إلى الفساد والظلم والعدوان، ويزرع الحقد والكراهية بين أفراد المجتمع، ويؤدي إلى انتشار الجرائم والمشاكل الاجتماعية.

كما أن الظلم يؤدي إلى زعزعة الأمن والاستقرار في المجتمع، ويفقد الناس الثقة في القضاء والعدالة، ويشعر الناس باليأس والإحباط والغضب.

لذلك، فإن الإسلام يحرم الظلم ويجعله من كبائر الذنوب، ويوجب على المسلمين أن يكونوا عادلين في أقوالهم وأفعالهم، وأن ينصفوا المظلوم من الظالم.

أضف تعليق